مع بداية افتتاح الأسواق الجوارية الخاصة بشهر رمضان، عبر العديد من المواطنين عن آرائهم وتفاعلاتهم مع هذه المبادرة التي تهدف إلى توفير المنتجات بأسعار معقولة وقريبة من متناول الجميع.
خليدة سفيان
وشهدت هذه الأسواق إقبالاً واسعاً في الأيام الأولى من قبل المستهلكين الذين أبدوا ارتياحهم بسبب الأسعار المنافسة وتنوع المنتجات التي توفرها، في حين عبر البعض عن مخاوفهم من ارتفاع الأسعار تدريجيًا مع مرور الوقت.
وفي الوقت نفسه، أبدى التجار دعمهم لهذه المبادرة باعتبارها فرصة لهم للتواصل المباشر مع الزبائن وتسويق منتجاتهم دون الحاجة للوسطاء. كما أعرب المختصون عن تفاؤلهم بنجاح الأسواق الجوارية في رمضان 2025، مؤكدين أنها ستساهم في ضبط السوق وتخفيف الضغط على التجار والمستهلكين على حد سواء.
للإشارة تم الاشراف يوم السبت الماضي على انطلاق 565 سوقًا جواريًا عبر التراب الوطني، مخصصة لبيع المنتجات الأساسية استعدادًا لشهر رمضان. أكد مسؤول بوزارة التجارة وضبط السوق الوطنية أن جميع الإجراءات التنظيمية واللوجيستية قد تم اتخاذها لضمان تموين الأسواق بمنتجات ذات جودة وأسعار تنافسية.
ويشارك أكثر من 6400 متعامل من منتجين وتجار لضمان وفرة المواد الغذائية بأسعار معقولة طوال الشهر ، كما يتم عرض مجموعة من المنتجات بأسعار متنوعة، مثل لحوم الأبقار والأغنام والخضروات والفواكه.
المستهلكون يثمنون الأسعار والعارضون يشيدون بفرص التسويق المباشر
في جولة من الأسواق الجوارية في الجزائر العاصمة بعد افتتاحها، عبّر العديد من المواطنين عن آراءهم لـ “المصدر”.
سعيد، من العاصمة، قال إن “الأسواق الجوارية في رمضان تعتبر فرصة رائعة لشراء المنتجات بأسعار معقولة. الأسعار أفضل من الأسواق العادية، وأشعر أنني لا أضطر لدفع الكثير كما في السنوات الماضية. أعتقد أن هذه المبادرة جيدة لتخفيف العبء المالي خلال الشهر الفضيل.”
وقال كمال، من الجزائر العاصمة متحدثًا لـ”المصدر” إن “أكثر ما جذبني في هذه الأسواق هو أنها قريبة من بيتي وسهلة الوصول. الأسعار فيها أفضل من السوق الكبير، وهذا شيء جيد. لا أرى فرقًا كبيرًا في بعض المنتجات، ولكن على الأقل هناك تنوع في الخيارات.”
سلمى، من العاصمة أيضًا، قالت “أفضل ما في هذه الأسواق هو أنها توفر جميع المنتجات التي أحتاجها في مكان واحد، مما يوفر علي الوقت والمجهود. الأسعار كانت جيدة نوعًا ما، ولكن أتمنى أن لا ترتفع مع مرور الوقت. إجمالًا، التجربة كانت إيجابية.”
أما بالنسبة للتعليقات التي تم تداولها عبر فيسبوك من تجارب المواطنين في باقي الولايات، فقد كانت هناك آراء متنوعة، لعدد من المواطنين الذين عبروا عن ارتياحهم لهذه المبادرة، حيث وجدوا أن الأسعار مناسبة، وأن توفر المنتجات في السوق ساعدهم في التخطيط بشكل أفضل لمشتريات رمضان، بينما أشار البعض الآخر إلى ضرورة تعزيز مراقبة الأسعار بشكل أكبر لتجنب أي تلاعب من قبل بعض التجار.
فقد أكدت أمينة، من وهران، أن “الأشياء التي تحتاجها تجدها هنا بشكل دائم، وأحيانًا حتى بأسعار منخفضة مقارنة مع المحلات الأخرى. أحببت تنوع المنتجات والعروض الترويجية، وخاصة اللحوم والخضروات. يجب أن يستمر هذا النوع من المبادرات في المستقبل.”
وقال رشيد، من قسنطينة: “كنت أتوقع أن تكون الأسعار أقل بشكل ملحوظ، لكنها ليست كذلك تمامًا. مع ذلك، تظل الأسعار أفضل من بعض الأماكن الأخرى التي تشهد مضاربة. أعتقد أن هذه خطوة إيجابية، ولكن لابد من مراقبة الجودة والكمية بشكل دقيق.”
أما فاطمة، من تلمسان، فأشارت إلى أن “الأسواق الجوارية ممتازة بالنسبة لي كمستهلك، لأنني أستطيع شراء جميع احتياجاتي من مكان واحد، وهي قريبة من المنزل. لكن يظل السؤال: هل هذه الأسعار ستستمر طوال الشهر؟ أم أننا سنشاهد ارتفاعًا تدريجيًا؟” حسب حديثها.
وقال بلال، من سطيف: “هناك بعض التحسينات التي يمكن ملاحظتها، ولكن الأسعار في بعض الأحيان تكون مرتفعة. رغم ذلك، أعتقد أن الوزارة تبذل جهدًا كبيرًا في تنظيم هذه الأسواق لمساعدة المواطنين.”
على الجانب الآخر، عبر العارضون عن دعمهم لهذه المبادرة، مؤكدين أنها تتيح لهم فرصة مباشرة للتواصل مع الزبائن وتسويق منتجاتهم بعيدًا عن الوسطاء.
تاجر توابل، قال إن “الأسواق الجوارية فتحت لي أبوابًا جديدة للوصول إلى الزبائن. الأسعار في هذه الأسواق جيدة، والمواطنون يفضلون شراء التوابل الطازجة هنا.”
تاجر منظفات يتحدث قائلًا: “أعتقد أن هذه الأسواق خطوة إيجابية نحو توفير منتجات نظافة بأسعار معقولة. السوق يعج بالزبائن الذين يبحثون عن العروض الترويجية، ونحن كموردين للمنظفات نرى أن هذه الفرصة جيدة لعرض منتجاتنا. ننتظر زبائن أكثر مع عطلة نهاية الأسبوع.”
فادي تميم لـ”المصدر”: توقعات بنجاح مبادرة الأسواق الجوارية بنسبة تصل 80%
من جهته، قال فادي تميم، المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، إن جميع التحضيرات التي تقوم بها وزارات التجارة والفلاحة والداخلية وكافة السلطات العمومية في الجزائر، ستنعكس بشكل فعلي على أرض الواقع من خلال الأسواق الجوارية الكبرى. فمن المتوقع تحقيق نجاح في رمضان 2025 بنسبة تتراوح بين 70 % و 80 % في أكثر من 500 مركز دائرة، وإذا ما تم تحقيق هذا النجاح فسيكون لها دور فعال في ضبط السوق، وتوفير الطمأنينة للمستهلك من خلال الوفرة وتوفير أسعار تنافسية غير متوفرة لدى تجار التجزئة، لذا فإن جميع الرهانات معلقة على الأسواق الجوارية بالدرجة الأولى.
في نفس السياق، قال تميم في اتصال هاتفي مع جريدة “المصدر”: “الأسواق الجوارية في السنوات السابقة كانت تفتح قبل يوم أو يومين فقط من رمضان، أما الآن فنحن نتحدث عن افتتاحها قبل 15 يومًا من شهر رمضان الفضيل. لما لها من دور هام في تقسيم الضغط على السوق وتخفيفه خلال الأسبوع الأول من هذا الشهر، وذلك من خلال تقسيم زمني يمتد أسبوعًا قبل رمضان وأسبوعًا بعده. هذا الإجراء يساهم بشكل كبير في تخفيف وطأة الضغط الذي اعتدنا أن نعيشه في الأسبوع الأول، فإذا نجحنا في تسييره، سنتمكن من تسيير شهر رمضان بأكمله بنجاح.”
أما بالنسبة للأسعار، قال المنسق الوطني للمنظمة: “فيما يتعلق بالمواد الفلاحية، فهي تنقسم إلى قسمين: منتجات فلاحية موسمية ومنتجات فلاحية غير موسمية. فالاولى تحديدًا لا تخضع لأسعار ثابتة أو مقننة، حيث تتغير أسعارها بين الارتفاع والانخفاض”. مؤكدًا أنه “قد شهدنا خلال الأسبوع الماضي ارتفاعًا في أسعار بعض المواد الفلاحية، ولكن اعتمادنا على دواوين الضبط في وزارة الفلاحة لتخزين كميات كبيرة من المنتجات الفلاحية بهدف ضخها في السوق خلال الأيام الأولى من شهر رمضان وعبر الأسواق الجوارية، يجعلنا مطمئنين بأنّ رمضان 2025 سيكون أكثر نجاحًا من رمضان 2024، رغم أنّ هذا الأخير كان ناجحًا مقارنة بالسنوات السابقة”. مشيرًا من جهة أخرى إلى أن المنتجات غير الفلاحية تشهد استقرارًا في الأسعار منذ نهاية عام 2024 وبداية عام 2025 تقريبًا.
أما عن الرقابة، يقول محدثنا: “يبقى دور جمعيات حماية المستهلك والمجتمع المدني والإعلام ضروريًا في الأسواق الجوارية، وذلك من خلال إعلام السلطات بأي اختلالات أو مواد لا يتم استهلاكها في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بموضوع اللحوم والبن، وذلك بهدف إنجاح الأسواق الجوارية في هذا الشهر المبارك.”