الوزير زيتوني يعرض مشروع قانون تمهيدي حول آليات مكافحتها
فادي تميم لـ”المصدر”: على المستهلك تجنّب التعامل مع التاجر غير النظامي
أضحت التجارة الموازية تمثل صداعا للسلطات العمومية في ظل انتشارها على مدار السنوات الأخيرة عبر احتلال الأرصفة والمساحات العمومية من طرف أشخاص ليسوا تجارا بصفة غير قانونية لأجل عرض البضاعة، واتّسعت رقعة هذا النوع من التجارة إلى الفضاء الالكتروني على إثر الانتشار لمختلف التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي، التي سمحت بظهور تجارة الكترونية فوضوية توقع بضحاياها من المستهلكين الذين يجري التحايل عليهم بمنتجات ذات الحل السريع لمختلف مشاكلهم خاصة ما تعلق منها بالمسمنات والمكملات الغذائية
عيشة ق.
تسعى الدولة في هذا الصدد، إلى محاربة هذا النوع من التجارة الموازية التقليدية منها والالكترونية، التي تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني من خلال عدم التزام ممارسيها بالتزاماتهم المالية عبر التهرب عن دفع الضرائب، حيث عرض وزير التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية الطيب زيتوني الأسبوع المنصرم المشروع التمهيدي للقانون المتعلق بتموين وضبط السوق الوطنية رفقة إطارات الوزارة الوصية، يتضمّن من خلاله إدراج آليات قانونية تساهم في مكافحة السوق الموازية التقليدية والالكترونية، سعيا إلى هيكلة شاملة لعمليات التموين، الضبط وتوزيع المنتجات.
وفي هذا السياق، اعتبر المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه فادي تميم أن التجارة الموازية تمثل جزءا من السوق السوداء بصفة عامة، في ظل المبالغ الطائلة التي كشف عنها الخبراء بقيمة 90 مليار دولار يتم تداولها خارج السوق النظامي، والتي تصنف السوق غير النظامية أكثر تداولا وحركية للأموال عن السوق النظامي، وهو ما يمثل خطرا على الأخير باعتبار أن السيناريو يتكرر على مدار السنوات الأخيرة، حيث أردف المتحدث في تصريحات لجريدة “المصدر ” أن السلطات العمومية تبذل جهودا من أجل ضبط السوق وإعادة التوازن له، غير أن تداول الأشخاص لرؤوس الأموال التي لا تمر عبر البنوك يجعل الأمر يمثل إزعاجا للسوق النظامي في ظل أن ظاهرة المضاربة والاحتكار لا تتعلق بالتجار النظاميين بل ترتبط بالغير نظاميين منهم، الذين يجمعون الأموال على مدار سنوات دون استثمارها في السوق النظامي، وهو ما تطرق له رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في تصريحات سابقة وحفّز على إثرها السلطات العمومية المسؤولة من أجل استقطاب رأس المال الموازي سعيا إلى إعادة ضبط السوق في ظل تزامن بلادنا مع انطلاقة اقتصادية جديدة، حيث أرجع فادي تميم المشهد الذي يطبع السوق الموازية إلى تحكم الطابع الاجتماعي في بلادنا تفاديا للوقوع في مشاكل مع الشباب، إلا أن الوضعية أضحت تشكل إزعاجا بحكم غياب الضوابط التي تتحكم فيها، وجهل مصدر المنتجات التي يتم تداولها بسبب غياب التعامل بالفوترة، حيث اعترف أن منظمة حماية المستهلك تتلقى شكاوى كثيرة حول التجار غير نظاميين في هذا الصدد لكن غياب الوضعية القانونية لهؤلاء تجعل من الصعوبة العثور عليهم ومحاسبتهم عكس الأمر إذا تعلق بتاجر نظامي يملك سجلا تجاريا ومقرا معروفا، أين شدد أنهم يدعون المستهلك في مختلف تدخلاتهم والاستشارات إلى تجنب التاجر غير نظامي وعدم التعامل معه، خاصة في ظل التسهيلات بالإجراءات التي قدّمتها الدولة خلال السنتين الماضيتين لهم من خلال منح سجل تجاري للتاجر المتنقل.
وشدّد أن الشباب قادر على الاستفادة من المركبات والمعدات التي تُستعمل في المعارض في ممارسة النشاط التجاري سواء متجولا أو في الأسواق وحتى في الشواطئ خلال فترة الاصطياف، لاحتوائها على شروط النظافة، وبالتالي تسمح لهم هذه الخطوة بالولوج إلى السوق النظامي عبر الاستعانة بمثل هذه التجهيزات التي توفرها المؤسسات حتى تعم الاستفادة على المساحات العمومية وتساهم بتأطير هذا من النوع من التجارة قانونيا، وبالتالي تفادي انتشار صور مسيئة من ترك المخلّفات في الشوارع وإزعاج السكان بممارسات لا أخلاقية من الصراخ وإحداث الضجيج، أين قال أن الحل في الوقت الراهن يتمثل في إخراج هؤلاء الشباب من الممارسات التجارية عبر الطاولات على قارعة الطريق وبيع منتجات خارج الشروط الصحية إلى تجار ينشطون بطريقة قانونية ويحترمون المواقيت في سياق حملة القضاء على السوق الموازية أو السوداء.
عدم استغلال الأسواق الجوارية إهدار للمال العام
أرجع المنسق الوطني لمنظمة حماية المستهلك الإقبال على مثل هذا النوع من النشاط التجاري إلى ظروف العمل بالإضافة إلى أن هذه المشاريع التجارية لا تكلف الكثير من الأموال، غير أنها تعتبر تعدّيا على قوانين الجمهورية عبر عرض سلعهم على الأرصفة والمساحات العمومية، وأوضح في هذا الصدد أن مواجهة هذا النوع من الممارسين للتجارة الموازية ليس من مهام وزارة التجارة التي تقتصر مسؤولية المفتشين والمراقبين لديها على التجار المرخصين أصحاب السجلات التجارية فحسب، بل الدور يقع على المجالس الشعبية البلدية عبر تسخير القوة العمومية، إلا أن محدثنا تأسف لعدم تعامل جميع مسؤولي المجالس البلدية بحزم مع الظاهرة من خلال إقحام السياسة والجانب الاجتماعي، وتطرق المتحدث إلى الأسواق الجوارية التي اعتبر أن إنشائها يدفع وزارة التجارة إلى صرف مبالغ طائلة إلا أنها تبقى مغلقة ولا يتم استغلالها من طرف الممارسين للتجارة الموازية، حيث قال أن المنظمة تصلها صورا عديدة حول إنجاز أسواق مغطاة لكنها مغلقة ولا يتم توزيعها على الأشخاص الذين يحبذون ممارسة التجارة وبالتالي تهترئ مع مرور الزمن، ويتحمل مسؤولية هذا الوضع المجالس الشعبية البلدية بسبب توزيعها بالمحاباة والواسطة على أشخاص لا يمارسون التجارة ما يجعل المستهلك والتاجر الحقيقي لا يستفيدون منها وبالتالي يصبح إنجازها إهدار للمال العام.
سوق التجارة الالكترونية كارثي تحتله عصابات للتحايل على المستهلك
وصف فادي تميم ما يحدث في التجارة الالكترونية الموازية ببلادنا بالكارثي في ظل تحوّل مثل هذا النوع من التجارية إلى شعوذة الكترونية لا يمكن منحها وصف التجارة يضيف محدثنا، الذي أكد أن الممارس القانوني للتجارة الالكترونية يملك المقومات القانونية التي تمنحه الشرعية من خلال امتلاك سجل تجاري الذي يسمح له بالحصول على الإمدادات في مواقع الاستضافة وامتلاك موقع رسمي معترف به سواء عبر “com.” أو “dz.”، وأفاد أن انتشار الفضاءات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي شجع الأشخاص عل الاعتماد عليها في صناعة مشاريعهم على غرار بعض الماكثات في البيوت اللواتي تستغلن حرفهنّ، في خطوة دفعت بالدولة إلى استحداث بطاقة المقاول الذاتي تسمح بحماية الممارسين لهذا النشاط من جهة وحماية المستهلك من جهة أخرى، في المقابل وصف ممارسي التجارة الالكترونية الموازية بشبكات للنصب والاحتيال على المستهلك من خلال إيهامه بالحلول السحرية عبر استغلال جهله من جهة والقيام بممارسة نشاط تجاري عبر الفضاءات الرقمية دون امتلاك صفة تاجر، وأردف يقول: “أصبحنا اليوم نقف على مشاهد ترويجية لمكملات غذائية يجري صناعتها في ورشات سرية وخلطات مجهولة المصدر، ويتم ترويجها بمبالغ خيالية، وصل الأمر إلى بيع مكملات غذائية بمبالغ تتراوح بين 7 و9 آلاف دينار للعلبة، في المقابل تتواجد أدوية تتم صناعتها في مخابر عالمية وتعرض إلى البيع بأسعار منخفضة”، وحمّل المتحدث المستهلك المسؤولية من خلال وقوعه في فخ الإيمان بالحل السحري لخلطات التسمين، التنحيف والقوة المعروضة إلكترونيا، قبل أن يقوم أعضاء شبكات النصب والاحتيال بإقفال صفحاتهم وفتح أخرى جديدة، واستطرد أنهم يستقبلون شكاوى عديدة تتعلق بضحايا التجارة عبر فضاءات التواصل الاجتماعي التي وصلت خطورتها إلى درجة استدراج المستهلك إلى طلب صورة عن البطاقة الذهبية أو البنكية والرمز السري قبل الاستيلاء على أموالهم، واعترف فادي تميم بصعوبة العثور على المحتالين رغم الجهود المبذولة من طرف السلطات الأمنية، الذين يقومون بحماية أنفسهم من خلال إخفاء شخصياتهم الحقيقية وعناوينهم بطريقة تكنولوجية حديثة إدراكا منهم لعدم قانونية التصرفات التي يقومون بها والتي تعتبر إجرامية في نظر القانون، أين حذّر المعني المواطنين إلى التأكد بامتلاك من يتعاملون معم في التجارة الالكترونية مواقع بامتداد “.com” أو “.dz” حتى يتجنّبون احتمالية الانعكاسات الصحية السلبية التي تعود عليهم من شراء المكملات الغذائية والمنتجات المعروضة للتسمين والتنحيف.
إيجاد الحلول الخطوة نحو فرض سلطة القانون
شدّد محدثنا أن ظاهرة ممارسة التجارة الموازية لم تظهر بين ليلة وضحاها بل تعود إلى أكثر من 20 سنة للوراء، أين يبقى إحداث التغيير الجذري صعب جدا، حيث قال: “إذا كان إحداث تغيير عبر وضع قانون يصعب تطبيقه لن نستفيد شيئا من إصداره باعتبار أنه سيبقى حبيس الأدراج”، واقترح في هذا الصدد احتواء هؤلاء الشباب عبر وضع مقاربة تتضمن جزءا من اجتماعية الدولة الجزائرية، إلى جانب ردع القانون والحلول لهاته الفئة التي تمكّن من دفعها إلى ممارسة النشاط التجاري ضمن إطاره النظامي، حيث اعتبر أن إيجاد الحلول المسعى الأول للتمكن من فرض سلطة القانون وتحقيق التغيير، وذلك عبر رؤساء المجالس الشعبية المحلية الذين يفترض أن يساهموا في إحداث التغيير والسعي نحو القضاء على ظاهرة التجارة الموازية رغم صعوبة الأمر حسب محدثنا في ظل اقتراب موعد الحملات الانتخابية المحلية.