في إطار الجهود المستمرة لدعم قطاع الابتكار وريادة الأعمال في الجزائر، تواصل الجامعات والمؤسسات الأكاديمية دورها الحيوي في تعزيز روح المقاولاتية لدى الطلاب. في هذا السياق، تحدثنا مع الدكتور مزياني أمين، مدير مركز تطوير المقاولاتية في جامعة الجزائر 3، الذي أشار إلى أهمية هذا القطاع في الدفع نحو الاقتصاد المعرفي، كما تطرق إلى الخدمات والبرامج التدريبية التي يقدمها المركز لتطوير مهارات رواد الأعمال.
حاورته : خليدة سفيان
في حواره مع جريدة المصدر، ألقى الضوء على الوضع الحالي لريادة الأعمال في الجزائر، والاتجاهات الواعدة في هذا المجال، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه رواد الأعمال وكيفية تعزيز ثقافة الابتكار في الجامعات.
بداية، كيف تقيمون الوضع الحالي لقطاع الابتكار وريادة الأعمال في الجزائر؟
يُعتبر قطاع الابتكار وريادة الأعمال في الجزائر في تطور مستمر، حيث تولي الدولة اهتمامًا متزايدًا لدعم المقاولاتية من خلال استراتيجيات وطنية تهدف إلى تعزيز الاقتصاد المعرفي.
هناك جهود واضحة لربط الجامعة بالعالم الاقتصادي، خاصة عبر إنشاء مراكز تطوير المقاولاتية التي تعمل على تكوين رواد الأعمال ومرافقة المشاريع الناشئة. ومع ذلك، لا يزال القطاع يواجه تحديات عدة، مثل التمويل، الإجراءات الإدارية، وضعف ثقافة ريادة الأعمال بين الشباب، ما يتطلب المزيد من التحسينات على مستوى التشريعات والتحفيزات.
ماهي الخدمات والبرامج التدريبية التي يقدمها مركز المقاولاتية لطلاب الجامعة؟ وكيف تساهم هذه البرامج في تطوير مهارات رواد الأعمال؟
مراكز تطوير المقاولاتية تقدم مجموعة من الخدمات المهمة لطلاب الجامعة، حيث تشمل التكوين في المقاولاتية من خلال برامج تدريبية متخصصة تتناول مواضيع مثل إنشاء المؤسسات، التخطيط الاستراتيجي، التسويق، التمويل، الإدارة، والابتكار. كما ينظم المركز ورش عمل ومحاضرات تفاعلية ينشطها مقاولون ذوو خبرة لتبادل تجاربهم مع الطلاب. إلى جانب ذلك، يتم تنظيم مسابقات وتحديات مقاولاتية توفر للطلاب فرصة لاختبار أفكارهم وتحسينها. ويُضاف إلى ذلك المرافقة الشخصية التي تقدم التوجيه في مختلف مراحل إنشاء المشاريع، بالإضافة إلى الربط مع الفاعلين الاقتصاديين من أجل توفير فرص تواصل مع المستثمرين والشركات.
تساعد هذه البرامج في تطوير مهارات رواد الأعمال من خلال تقديم فهم شامل لبيئة الأعمال ومساعدتهم على بناء مهارات القيادة والتفكير الاستراتيجي. كما تساهم في تنمية قدراتهم على التعامل مع التحديات الفعلية التي قد يواجهونها في السوق.
ماهي المعايير التي تعتمدونها لاختيار المشاريع الابتكارية ورواد الأعمال المبدعين في دار المقاولاتية التابعة لجامعة الجزائر 3؟
يعتمد مركز المقاولاتية على مجموعة من المعايير لاختيار المشاريع الابتكارية ورواد الأعمال المبدعين. من أهم هذه المعايير مدى وضوح فكرة المشروع وجدواه الاقتصادية، بالإضافة إلى الابتكار والتفرد في الفكرة سواء من حيث المنتج أو نموذج العمل. كما يتم تقييم الإمكانات الشخصية لصاحب المشروع مثل المبادرة، الإبداع، والقدرة على التكيف. يتم أيضًا النظر في الخبرة والمعرفة في المجال الذي ينتمي إليه المشروع ومدى استيفاء المشروع للمتطلبات القانونية والتنظيمية. وأخيرًا، يتم تحديد الجاهزية للحصول على التمويل والتوسع في المستقبل.
وهل يتم بناءً على تصنيف معين؟
نعم، يتم تصنيف الطلبة المقاولين إلى ثلاث فئات حسب مستوى نضج الفكرة: فئة بحاجة إلى تحسيس أولي حول المقاولاتية، فئة لديها فكرة مشروع وتحتاج إلى دراسات معمقة، وفئة لديها مشروع جاهز وينتظرون التمويل والتنفيذ.
كم عدد المشاريع المنفذة في إطار برامج مركز المقاولاتية بجامعة الجزائر 3 خلال السنوات الأخيرة؟
تم تكوين 11 دفعة في تخصصات مختلفة ضمن برامج مركز المقاولاتية بجامعة الجزائر 3 خلال السنوات الأخيرة. وتستمر هذه البرامج في تزويد الطلبة بالمعرفة والتوجيه اللازمين لدخول عالم ريادة الأعمال وتنفيذ مشاريعهم بنجاح.
ماهي الاتجاهات الحالية التي يجب على رواد الأعمال التركيز عليها في مجال المقاولاتية؟
هناك عدة مجالات واعدة في المقاولاتية في الوقت الحالي التي يجب على رواد الأعمال التركيز عليها. من أبرز هذه المجالات التكنولوجيا الرقمية التي تشمل تطبيقات الهواتف، الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني. كما يُعد قطاع الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر من أبرز الاتجاهات، حيث يشمل حلول الطاقة الشمسية، إعادة التدوير، والاستدامة. وهناك أيضًا فرص كبيرة في الصناعة الغذائية من خلال المنتجات العضوية والزراعة الذكية، وكذلك في الخدمات المالية والتكنولوجيا المالية (Fintech) التي تشمل حلول الدفع الإلكتروني والتمويل البديل. في مجال الصحة والتكنولوجيا الحيوية، هناك إمكانيات كبيرة في الصحة الرقمية والأجهزة الطبية الذكية. إن التحولات الرقمية المتسارعة والسياسات الحكومية لدعم الابتكار تجعل هذه المجالات جذابة للرواد الأعمال الجدد.
كيف يمكن تعزيز ثقافة الابتكار والمقاولاتية في الجامعات والشراكات الممكنة في هذا المجال؟
من أجل تعزيز ثقافة الابتكار والمقاولاتية في الجامعات، يجب إدماج المقاولاتية في المناهج الدراسية وتنظيم فعاليات ومسابقات تحفّز التفكير المقاولاتي. كما يُعد دعم وتمويل حاضنات الأعمال داخل الجامعات أمرًا بالغ الأهمية لتوفير الدعم العملي للمشاريع. ينبغي أيضًا عقد شراكات مع القطاع الخاص لجلب تمويلات وخبرات، والتعاون مع المؤسسات الدولية لتمويل المشاريع الريادية. كما يمكن للشراكات مع الشركات المحلية والمتعددة الجنسيات أن توفر فرص تدريب وتمويل واستشارات للمشاريع الناشئة.
كيف ترى مستقبل ريادة الأعمال في السنوات القادمة في الجزائر؟
من المتوقع أن يكون مستقبل ريادة الأعمال في الجزائر واعدًا إذا تم زيادة الاهتمام الحكومي بقطاع ريادة الأعمال، خاصة من خلال سياسات دعم الشركات الناشئة. يُنتظر أن يتم تحسين التمويل عبر وكالات مثل ANADE، وإنشاء صناديق استثمارية للمشاريع الابتكارية. ولكن لا يزال هناك حاجة لتسهيل الإجراءات الإدارية وتحسين بيئة الأعمال بشكل عام، وتشجيع ثقافة الاستثمار في الشركات الناشئة، لتسريع عملية نمو هذا القطاع.
ماهي الخطوات الأساسية للطلاب والشباب الراغبين في دخول عالم ريادة الأعمال والابتكار؟
للانطلاق في ريادة الأعمال، ينصح الشباب بتحديد فكرة مشروع قوية مبنية على حاجة فعلية في السوق، ودراسة الفكرة بشكل جيد عبر إجراء أبحاث حول المنافسة والعملاء المستهدفين. من المهم أيضًا تطوير خطة عمل واضحة تشمل الأهداف والتمويل والاستراتيجية. كما يجب عليهم المشاركة في البرامج التدريبية والمسابقات المقاولاتية. بالإضافة إلى ذلك، يُنصح بالاستفادة من مراكز تطوير المقاولاتية للحصول على الإرشاد والدعم، والبحث عن تمويل من الجهات الداعمة أو المستثمرين. يمكن أيضًا التعلم من التجارب الناجحة والتشبيك مع رواد أعمال آخرين، على أن يبدأوا على نطاق صغير لاختبار الفكرة قبل التوسع.
في الأخير، ماهي النصائح التي تقدمونها للطلبة للنجاح في ريادة الأعمال؟
النجاح في ريادة الأعمال يتطلب الصبر، المثابرة والتعلم المستمر. من المهم ألا يخاف رواد الأعمال من الفشل، فكل تجربة هي خطوة نحو النجاح.