مع اقتراب عيد الفطر المبارك، تشهد الأسواق الجزائرية نشاطًا مكثفًا في أواخر شهر رمضان. ففي هذه الفترة، يتضاعف إقبال المستهلكين على مجموعة متنوعة من الأنشطة التجارية. من جهة أخرى، يحرص العديد من التجار على تلبية هذا الطلب المتزايد من أسواق المواد الغذائية ومحلات بيع الألبسة وصولًا إلى محلات الحلويات التقليدية والعصرية.
في هذا السياق، حاورنا رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين والمستثمرين الجزائريين، الحاج الطاهر بولنوار، للحديث عن أبرز الأنشطة التجارية التي تشهد إقبالًا واسعًا من قبل المستهلكين من مواد غذائية وحلويات، وكذا الملابس والأحذية، كما تطرقنا إلى تحضيرات العيد وتأثيراتها على السوق المحلي وتحدياته في هذه الفترة.
حاورته خليدة سفيان
بداية، ما هي أبرز الأنشطة التجارية التي تشهد نشاطًا مكثفًا في أواخر شهر رمضان، خاصة مع اقتراب عيد الفطر؟
تشهد الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وبالتزامن مع اقتراب عيد الفطر السعيد، نشاطًا تجاريًا مكثفًا يبرز بشكل خاص في قطاع المواد الغذائية. فبينما يستمر الطلب على مختلف الأصناف، يرتفع الإقبال بشكل ملحوظ على مستلزمات تحضير الحلويات التقليدية للعيد. وتشمل هذه المستلزمات مكونات أساسية مثل البيض، والدقيق (الفرينة)، والخميرة، بالإضافة إلى الملونات والمنكهات الغذائية. ولا ننسى المكسرات الفاخرة كاللوز والجوز التي تُعدّ جزءًا لا يتجزأ من هذه الحلويات.
إلى جانب هذا النشاط الملحوظ في قطاع المواد الغذائية، تنتعش حركة البيع والشراء بشكل كبير في محلات الهدايا وألعاب الأطفال. وتجدر الإشارة إلى أن المخزون الحالي من هذه السلع يكفي لتلبية الطلب المتزايد عليها، مما يضمن توفرها للمستهلكين. أما الخضر والفواكه، فيشهد الطلب على الخضروات والفواكه انخفاضًا نسبيًا خلال هذه الفترة، حيث تتجه اهتمامات العائلات بشكل أساسي نحو تجهيزات العيد ومستلزماته.
بالنسبة لبيع الملابس، هل لاحظتم زيادة في الإقبال على ملابس العيد الجديدة؟ وكيف يتم تلبية هذه الحاجة من قبل التجار؟
من بين الأنشطة التجارية التي تشهد انتعاشًا ملحوظًا في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، تبرز تجارة الألبسة والأحذية، وخاصة ملابس الأطفال والنساء التي تحظى بالإقبال الأكبر، تليها ملابس الرجال. ويستعد التجار لتلبية هذا الطلب المتزايد، خاصة مع التطور اللافت الذي شهده الإنتاج المحلي للملابس في السنوات الأخيرة. فبعد أن كانت الجزائر تعتمد بشكل كبير على استيراد الألبسة والأحذية خلال العقد الماضي، وصل الإنتاج المحلي حاليًا إلى ما يقارب 50 % من حجم السوق. ويعود هذا النمو إلى الانتشار الواسع لورشات الخياطة المتخصصة في ملابس الأطفال والنساء والرجال، بالإضافة إلى المصانع المتنوعة، وعلى رأسها المجمع العمومي للألبسة والنسيج الذي حقق قفزة نوعية في كل من حجم الإنتاج وجودته.
وقد ساهم في هذا التطور أيضًا تحسن كمية ونوعية الملابس المنتجة محليًا، بالإضافة إلى الدورات التدريبية التي يستفيد منها أصحاب ورشات الخياطة والأحذية. كما أن التشجيعات التي يقدمها قطاع الاستثمار في مجال الألبسة والأحذية من قبل الحكومة تهدف إلى تعزيز الإنتاج وزيادة كميته وتحسين جودته بشكل مستمر.
نلاحظ ارتفاعًا في طلب ربات البيوت على لوازم الحلويات، هل يمكنكم إلقاء الضوء على حجم هذا النشاط؟ وهل هناك استجابة من التجار لتلبية هذه الطلبات؟
نعم، يشهد الطلب على لوازم تحضير الحلويات ارتفاعًا ملحوظًا من قبل ربات البيوت، خاصة فيما يتعلق بالبيض والدقيق اللذين يزداد عليهما الإقبال بشكل كبير خلال هذه الفترة. يمكن القول إن غالبية هذه المكونات أصبحت من الإنتاج المحلي، مثل الشوكولاتة البيضاء والسوداء، وأنواع السمن والزبدة المختلفة، والتي يعتبر معظمها إنتاجًا جزائريًا خاصًا. والجدير بالذكر أن الجزائر حققت اكتفاءً ذاتيًا في المجال الفلاحي، كما شهد قطاع الصناعات الغذائية قفزة نوعية هامة في هذا المجال.
هناك اهتمام متزايد من قبل المستهلكين بشراء الحلويات الجاهزة في أواخر رمضان، هل يسهم هذا في زيادة نشاط المحلات التجارية المتخصصة وحتى العاملين من البيوت في هذا المجال؟
نعم، تتجه الكثير من العائلات الجزائرية نحو شراء الحلويات الجاهزة من المحلات المتخصصة التي انتشرت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة. ويشهد الإقبال على هذه المحلات ارتفاعًا كبيرًا، خاصة خلال المناسبات والأعياد كعيد الفطر، مما يدفعها إلى زيادة عدد العاملين لديها لتلبية الطلب المتزايد. ومع ذلك، لا تزال بعض العائلات تفضل تحضير الحلويات في المنزل بغرض التحكم في التكاليف، نظرًا لارتفاع أسعار بعض الأنواع الجاهزة.
وقد شهد قطاع صناعة الحلويات في الجزائر تطورات ملحوظة، ويعود ذلك إلى الانتشار الواسع لمراكز التكوين وورشات التدريب المتخصصة، بالإضافة إلى جهود الجمعيات وغرف الصناعة التقليدية في تنظيم دورات تعليمية ومعارض متخصصة، لا سيما خلال شهر يناير وبمناسبة الاحتفال بعيد المرأة.
كيف يؤثر التحضير للعيد على السوق المحلي، وكيف يتعامل التجار مع تحديات العرض والطلب في هذه الفترة من السنة؟
أغلب المنتجات التي يحتاجها المستهلك في شهر رمضان المبارك كانت متوفرة لأسباب عديدة، أبرزها الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها الحكومة قبل شهرين من حلول الشهر الفضيل بهدف ضمان الوفرة واستقرار الأسعار. بالإضافة إلى ذلك، تم ضخ كميات كبيرة من المواد الأولية الغذائية في الأسواق، والسماح باستيراد اللحوم لتلبية الطلب المتزايد، واستحداث أسواق جوارية خاصة بشهر رمضان لتقريب المنتجات من المواطنين والمساهمة في ضبط الأسعار.
وعلى الرغم من تسجيل ارتفاع في الأسعار خلال الأيام الأولى من شهر رمضان نتيجة للضغط على السوق وزيادة الطلب، إلا أنها شهدت توفر جميع المنتجات. ولم يتم رصد أي نقص في المواد الاستهلاكية، وخاصة الغذائية، وحتى في العشر أيام الأخيرة التي شهدت زيادة في الإقبال.
في الأخير، هل يمكنكم مشاركة بعض النصائح للتجار حول كيفية التعامل مع هذه الزيادة في الطلب في أواخر رمضان لتحقيق أقصى استفادة دون التأثير على جودة الخدمة؟
من بين النصائح أولًا الاستمرار بضرورة التقيد بالقوانين التجارية، وكذا المحافظة على هامش الربح القانوني، إضافة إلى تجنب جميع أشكال المضاربة والاحتكار، والمساهمة في الأعمال التحسيسية والتضامنية.