— سوناطراك مؤهلة لدمج 30 ٪ من الطاقات المتجددة في المستقبل القريب
وصف الخبير في المجال الطاقوي، أحمد طرطار، الاستراتيجية الوطنية للطاقة بالمتكاملة والجوهرية التي من شأنها تعزيز الإنتاج، الذي يمثل حجر الأساس في قطاع الطاقة والعصب الأساسي لتشكيل ميزانية الدولة، فهي تمثل السند الأساسي في تتويج عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، كما تسهل الاستراتيجية تنفيذ المشاريع الكبرى التي ستحدث الطفرة النوعية في تحقيق التنمية المستدامة. إضافة إلى ضمان التزويد الطاقوي، سواء من مشتقات النفط والغاز، أو من مصادر الطاقة المتجددة والكهرباء. وتتبنى هذه الاستراتيجية مقاربة تجمع بين الطاقة الأحفورية والمتجددة مثل طاقة الرياح، واليورانيوم، والهيدروجين الأخضر، والأمونيا.
خليدة سفيان
وأضاف في اتصال هاتفي مع جريدة “المصدر” إن الاستراتيجية الوطنية للطاقة القائمة على ثلاثة محاور رئيسية، هي تعزيز الإنتاج، وضمان التزويد الطاقوي، وتقليل البصمة الكربونية، تهدف إلى تحقيق احتياجات المواطنين وتلبية متطلبات العملاء الخارجيين، وضمان الانتقال الطاقوي السلس.
ويتحقق ذلك – حسبه – عبر تقليل البصمة الكربونية وتفعيل مختلف المنتجات الطاقوية الصديقة للبيئة وغير الضارة، مما يضمن التأقلم معها حاضرًا ومستقبلًا من طرف الأجيال القادمة.
وأضاف نفس المصدر أن الجزائر تسعى إلى تطوير هذه المصادر من خلال خارطة طريق واضحة، بهدف إدخالها في الاستهلاك والتشغيل مستقبلًا على نطاق واسع، سواء للمواطنين أو المصانع أو المستوردين.
وتتكامل جهود تعزيز الإنتاج وضمان التزويد الطاقوي مع ضرورة حماية صحة المواطن والبيئة، وذلك عبر العمل الدؤوب على تقليل البصمة الكربونية، وهو ما أكدته سوناطراك مؤخرًا بتخصيص موارد وتقنيات متقدمة لتحقيق هذا الهدف، لتصبح مجمل المنتجات الطاقوية صديقة للبيئة.
وتابع طرطار القول إن “الغاز الطبيعي يمثل حجر الزاوية في قطاع الطاقة الأحفورية، ويعد في الوقت نفسه ركيزة أساسية للانتقال نحو الطاقات البديلة والمتجددة، وذلك من خلال مشاركته الفعالة في إنتاج العديد من المشتقات مثل الهيدروجين الأخضر والكهرباء، وحسب المعطيات فإن الغاز من المتوقع أن يظل قائمًا في آفاق 100 إلى 150 عامًا بالتوازي مع النفط.”
وفي سياق الاستغلال الأمثل للموارد الأحفورية وتوظيفها لخدمة التحول الطاقوي، قال الخبير إن “الاعتماد على الغاز الطبيعي سيظل أمرًا واقعًا بالنسبة للجزائر التي تحتل حاليًا مركزًا مرموقًا كسابع أكبر مصدر للغاز في العالم، بفضل اكتشافاتها المستمرة، إضافة إلى كونها حظيت بتتويج معهد للغاز التابع لمنتدى الدول المصدرة للغاز، وهو ما سيثمر آثارًا إيجابية على صعيد نقل التكنولوجيا وتطوير إدارة قطاع الطاقة، لا سيما في مجالي الغاز والطاقات المتجددة.”
واعتقد طرطار أن القدرات الموجودة لدى سوناطراك، خاصة بعد تحديث منشآتها القاعدية والاستعانة بتكنولوجيتها المتعددة، كفيلة بتحقيق الهدف المنشود، وهو دمج 30 ٪ من مصادر الطاقة المتجددة في سياق تحقيق أهداف هذا المزيج بسلاسة ومرونة خلال المستقبل القريب.
وأكد أن “مشروع “الخط الجنوبي” قد اكتسب أهمية واضحة بعد تسليط الضوء عليه في فعاليات مؤتمر ومعرض البحر الأبيض المتوسط للطاقة في مدينة رافينا الإيطالية، بالإضافة إلى دراسات الجدوى التي تم إجراؤها في وهران مطلع هذا العام، وبالتالي سيُتوج هذا المشروع بإنشاء سوق للهيدروجين الأخضر يمتد نحو إيطاليا والنمسا وألمانيا. هذه الدول أبدت استعدادًا كاملاً لإنجاح هذه المشاريع من خلال مشاركة فعالة مع الجزائر، بدعم من الاتحاد الأوروبي الذي أبدى اهتمامًا كبيرًا بهذا المنتج.”
ويعتقد أن عام 2025 يمثل نقطة انطلاق أساسية للجزائر في مجال الهيدروجين الأخضر، ومن خلال هذه التطورات ستتضح رؤى جديدة وستنطلق مشاريع كبرى لتلبية احتياجات الدول المذكورة، حسب نفس المصدر.
إضافة إلى ذلك، قال الخبير إن “الشريك الإسباني أبدى قبوله لهذا المشروع، وهو شريك واعد في مجال الغاز وسيصبح كذلك في مجال الهيدروجين الأخضر، حيث ترتبط دراسات الجدوى بشكل أساسي بكيفية توصيل هذا المنتج إلى مختلف الدول.” مضيفًا أن “وجود شبكة الأنابيب الحالية، بما في ذلك أنبوب ميدغاز المتجه نحو إسبانيا، وأنبوب غالسي المتجه نحو إيطاليا ثم النمسا وسلوفينيا وألمانيا، من شأنه أن يستوعب هذه المنتجات الطاقوية البديلة، سواء في شكل غاز أو هيدروجين أخضر أو كهرباء أو أمونيا. بالإضافة إلى ذلك، توجد إمكانية لإنشاء خطوط جديدة مثل الخط الرابط بين مدينة الطارف وإيطاليا، والذي يمكن أن يمتد نحو دول أخرى.”
وحسب طرطار، فإن مشروع SouthH2 Corridor يمثل بشكل أساسي نقطة انطلاق جوهرية لإنتاج وترويج الهيدروجين الأخضر بالنسبة للجزائر، كما أن وجود سوق واعدة لهذا المنتج سيحفز إنتاجه وتطويره في المستقبل.